سورة القمر - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القمر)


        


{أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)}
{أَءلْقِىَ الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا} أي أأنزل عليه الوحي من بيننا وفينا من هو أحس منه بذلك، والتعبير بألقي دون أنزل قيل: لأنه يتضمن العجلة في الفعل {بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} أي شديد البطر وهو على ما قال الراغب: دهش يعتري من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها ووضعها إلى غير وجهها، ويقاربه الطرب وهو خفة أكثر ما تعتري من الفرح، ومرادهم ليس الأمر كذلك بل هو كذا وكذا حمله شدّة بطره وطلبه التعظيم علينا على ادعاء ذلك، وقرأ قتادة. وأبو قلابة بل هو الكذب الأشر بلام التعريف فيهما وبفتح الشين وشدّ الراء، وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا ما في ذلك، وقوله تعالى:


{سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)}
{سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الكذاب الاشر} حكاية لما قاله سبحانه وتعالى بصالح عليه السلام وعدًا له ووعيدًا لقومه، والسين لتقريب مضمون الجملة وتأكيده، والمراد بالغد وقت نزول العذاب الدنيوي بهم، وقيل: يوم القيامة فهو لمطلق الزمان المستقبل وعبر به لتقريبه، وعليه قول الطرماح:
ألا عللاني قبل نوح النوائح *** وقبل اضطراب النفس بين الجوانح
وقبل غد يا لهف نفسي على غد *** إذا راح أصحابي ولست برائح
أي {سَيَعْلَمُونَ} البتة عن قريب {مَّنِ الكذاب الاشر} الذي حمله أشره وبطره على ما حمله أصالح أم من كذبه، والمراد سيعلمون أنهم هم الكذابون الأشرون لكن أورد ذلك مورد الإبهام إيماءًا إلى أنه مما لا يكاد يخفي، ونحوه قول الشاعر:
فلئن لقيتك خاليين لتعلمن *** أيى وأيك فارس الأحزاب
وقرأ ابن عامر. وحمزة. وطلحة. وابن وثاب. والأعمش ستعلمون بتاء الخطاب على حكاية ما قال لهم صالح مجيبًا لهم، وفي الكشاف أو هو كلام على سبيل الالتفات، قال صاحب الكشف: أي هو كلام الله تعالى لقوم ثمود على سيل الالتفات إليهم إما في خطابه تعالى لرسولنا صلى الله عليه وسلم وهو نظير ما حكاه سبحانه عن شعيب {فتولى عَنْهُمْ وَقَالَ ياقوم قَوْمٌ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ} [الأعراف: 79] بعد ما استؤصلوا هلاكًا وهو من بليغ الكلام فيه دلالة على أنهم أحقاء بهذا الوعيد وكأنهم حضور في المجلس حول إليهم الوجه لينعى عليهم جناياتهم. وإما في خطابه عز وجل لصالح عليه السلام والمنزل حكاية ذلك الكلام المشتمل على الالتفات. وعلى التقديرين لا إشكال فيه كما توهم. ولفظ الزمخشري على الأول أدل وهو أبلغ انتهى، ومن التفت إلى ما قاله الجمهور في الالتفات لا أظنه تسكن نفسه اذكر فتأمل، وقرأ مجاهد فيما ذكره صاحب اللوامح. وأبو قيس الأودي {الاشر} بثلاث ضمات وتخفيف الراء. ويقال: أشر وأشر كحذر وحذر فضمة الشين لغة وضم الهمزة تبع لها.
وحكى الكسائي عن مجاهد ضم الشين دون الهمزة فهو كندس. وقرأ أبو حيوة {الاشر} أفعل تفضيل أي الأبلغ في الشرارة وكذا قرأ قتادة. وأبو قلابة أيضًا وهو قليل الاستعمال وإن كان على الأصل كالأخير في قول رؤبة:
بلال خير الناس وابن الأخير ***
وقال أبو حاتم: لا تكاد العرب تتكلم بالأخير و{الاشر} إلا في ضرورة الشعر وأنشد البيت، وقال الجوهري: لا يقال: {الاشر} إلا في لغة رديئة؛ وقوله تعالى:


{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)}
{إِنَّا مُرْسِلُواْ الناقة} إلخ استئناف مسوق لبيان مبادي الموعود على ما هو الظاهر، وبه يتعين كون المراد بالغد وقت نزول العذاب الدنيوي بهم دون يوم القيامة، والإرسال حقيقة في البعث وقد جعل هنا كناية عن الإخراج، وأريد المعنى الحقيقي معه كما أومأ إليه بعض الأجلة أي إنا مخرجوا الناقة التي سألوها من الهضبة وباعثوها {فِتْنَةً لَّهُمْ} امتحانًا، وجوز إبقاؤها على معناها المعروف {فارتقبهم} فانتظرهم وتبصر ما هم فاعلون {واصطبر} على أذاهم ولا تعجل حتى يأتي أمر الله تعالى.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12